﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ﴾
" ذلك " :" ذا " وحدها للإشارة، و " الكاف " للخطاب، والخطاب إذا أُفرد، فالمراد به خطاب الله لرسوله، والمؤمنون في طي ذلك الخطاب. ومرة يقول :" ذلكم " أي أنه يخاطبنا نحن، مثل
﴿ ذالِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ ﴾
[البقرة : ٢٣٢].
وذلك إشارة لما تقدم مباشرة في الآية الخاصة بقتل النفس، وكذلك ما قبلها وهو أكل الأموال. والبعض يأخذها لكل ما تقدم من أول قوله :﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾، والبعض الآخر يأخذها من أول الأوامر والنواهي من أول السورة إلى هنا، وكلها تصح.
﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً ﴾. والعدوان هو التعدي، والتعدي قد يكون ظلماً وقد يكون نسياناً. ومن يتعدي بالظلم يكون عارفاً ويأخذ حق غيره، أما التعدي بالنسيان فيقتضي أن يراجع الإنسان سلوكه، لماذا ؟ لأن العاقبة مريرة.
وقوله تعالى :﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً ﴾ والفعل إذا أسند لفاعله أخذ قوته من فاعله. فعندما يقول لك أحد : إن عملت هذه فابني الصغير سيصفعك صفعة، وهو قول يختلف عن التهديد بأن يضربك شاب قوي، لماذا ؟ لأن قوة الحدث نأخذها من فاعل الحدث، من الذي يُصْلي المعتدي النار ؟ إنه الله، وسبحانه سيجعله يصطلي بها.