ومنها أن يتمنّى نعمة تماثل نعمة في يد الغير مع إمكان حصولها للمتمنّي بدون أن تسلب من التي هي في يده كتمنّي عِلم مثل علم المجتهد أو مال مثل مال قارون.
ومنها أن يتمنّى ذلك لكن مثله لا يحصل إلاّ بسلب المنعَم عليه به كتمنّي مُلك بلدة معيّنة أو زوجة رجل معيّن.
ومنها أن يتمنّى زوال نعمة عن الغير بدون قصد مصيرها إلى المتمنّي.
وحاصل معنى النهي في الآية أنّه : إمّا نهي تنزيه لتربية المؤمنين على أن لا يشغلوا نفوسهم بما لا قبل لهم بنواله ضرورة أنّه سمّاه تمنّيا، لئلا يكونوا على الحالة التي ورد فيها حديث :" يتمنى على الله الأماني " ويكون قوله :﴿ واسألوا الله من فضله ﴾ إرشاد إلى طلب الممكن، إذ قد علموا أنّ سؤال الله ودعاءه يكون في مرجوّ الحصول، وإلاّ كان سوء أدب.
وإمّا نهي تحريم، وهو الظاهر من عطفه على المنهيات المحرّمة، فيكون جريمة ظاهرة، أو قلبية كالحسد، بقرينة ذكره بعد قوله :﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ولا تقتلوا أنفسكم ﴾ [ النساء : ٢٩ ].
فالتمنّي الأوّل والرابع غير منهي عنهما، وقد ترجم البخاري في صحيحه "باب تمني الشهادة في سبيل الله وباب الاغتباط في العلم والحكمة"، وذكر حديث :" لا حسد إلاّ في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلّطه على هَلَكته في الحقّ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلّمها الناس ".
وأمّا التمنّي الثاني والثالث فمنهي عنهما لأنّهما يترتّب عليهما اضطراب النفس وعدم الرضا بما قسم الله والشكّ في حكمة الأحكام الشرعية.
وأمّا التمنّي الخامس والسادس فمنهي عنهما لا محالة، وهو من الحسد، وفي الحديث " لا تسأل المرأة طلاقَ أختها لتستفرغ صحفتها "