فصل


قال الفخر :
اعلم أن مراتب السعادات إما نفسانية، أو بدنية، أو خارجية.
أما السعادات النفسانية فنوعان :
أحدهما : ما يتعلق بالقوة النظرية، وهو : الذكاء التام والحدس الكامل، والمعارف الزائدة على معارف الغير بالكمية والكيفية.
وثانيهما : ما يتعلق بالقوة العملية، وهي : العفة التي هي وسط بين الخمود والفجور، والشجاعة التي هي وسط بين التهور والجبن، واستعمال الحكمة العملية الذي هو توسط بين البله والجربزة، ومجموع هذه الأحوال هو العدالة.
وأما السعادات البدنية : فالصحة والجمال، والعمر الطويل في ذلك مع اللذة والبهجة.
وأما السعادات الخارجية : فهي كثرة الأولاد الصلحاء، وكثرة العشائر، وكثرة الأصدقاء والأعوان، والرياسة التامة، ونفاذ القول، وكونه محبوبا للخلق حسن الذكر فيهم، مطاع الأمر فيهم، فهذا هو الاشارة إلى مجامع السعادات، وبعضها فطرية لا سبيل للكسب فيه، وبعضها كسبية، وهذا الذي يكون كسبيا متى تأمل العاقل فيه يجده أيضا محض عطاء الله، فإنه لا ترجيح للدواعي وإزالة العوائق وتحصيل الموجبات، وإلا فيكون سبب السعي والجد مشتركا فيه، ويكون الفوز بالسعادة والوصول إلى المطلوب غير مشترك فيه، فهذا هو أقسام السعادات التي يفضل الله بعضهم على بعض فيها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٦٥ ـ ٦٦﴾

فصل


قال الفخر :
إن الإنسان إذا شاهد أنواع الفضائل حاصلة لإنسان، ووجد نفسه خاليا عن جملتها أو عن أكثرها، فحينئذ يتألم قلبه ويتشوش خاطره، ثم يعرض ههنا حالتان : إحداهما : أن يتمنى زوال تلك السعادات عن ذلك الإنسان، والأخرى : أن لا يتمنى ذلك، بل يتمنى حصول مثلها له.


الصفحة التالية