وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ واسئلوا الله من فضله ﴾ إن كان عطفاً على قوله :﴿ للرجال نصيب مما اكتسبوا ﴾ الخ، الذي هو علّة النهي عن التمنّي، فالمعنى : للرجال مَزاياهم وحقوقهم، وللنساء مزاياهنّ وحقوقهنّ، فمن تمنّى ما لم يُعَدَّ لصنفه فقد اعتدى، لكن يسأل الله من فضله أن يعطيه ما أعدّ لصنفه من المزايا، ويجعل ثوابه مساوياً لثواب الأعمال التي لم تُعدّ لصنفه، كما قال النبي ﷺ للنساء :" لكن أفضل الجهاد حجّ مبرور " وإن كان عطفاً على النهي في قوله : و﴿ لا تتمنوا ﴾ فالمعنى : لا تتمنّوا ما في يد الغير واسألوا الله من فضله فإنّ فضل الله يسع الإنعام على الكلّ، فلا أثر للتمنّي إلاّ تعب النفس. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٠٨﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ واسألوا الله مِن فَضْلِهِ ﴾ روى الترمذي عن عبدلله قال قال رسول الله ﷺ :" سلُوا الله من فضله فإنه يحب أن يُسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج " وخرّج أيضاً ابن ماجه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :" من لم يسأل الله يغضب عليه " وهذا يدّل على أن الأمر بالسؤال لله تعالى واجب ؛ وقد أخذ بعض العلماء هذا المعنى فنظمه فقال :
الله يغضَب إن تركتَ سؤاله...
وبني آدمَ حين يُسأل يَغضبُ
وقال أحمد بن المعذّل أبو الفضل الفقيه المالكي فأحسن :
التِمس الأرزاقَ عندَ الذي...
ما دُونَه إن سِيَل مِن حاجِبِ
مَنْ يُبغِض التاركَ تَسْأَلَهُ...
جوداً ومن يَرضَى عن الطالبِ
ومَنْ إذا قال جَرَى قولُه...
بغير تَوْقِيع إلى كاتبِ
وقد أشبعنا القول في هذا المعنى في كتاب "قمع الحرص بالزهد والقناعة".
وقال سعيد بن جُبير :﴿ واسألوا الله مِن فَضْلِهِ ﴾ العبادة، ليس من أمر الدنيا.
وقيل : سَلُوه التوفيقَ للعمل بما يرضيه.


الصفحة التالية
Icon