وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿ : وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً ﴾ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ زَادَهُ شِدَّةً وَتَغْلِيظًا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ وَإِبْطَالِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إذَا لَمْ يَجُزْ الْحِلْفُ فِي الْإِسْلَامِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَنَاصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعَاوُنِهِمْ فَحِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَعَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّوَارُثِ بِالْمُوَالَاةِ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إنَّهُ جَائِزٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ مِيرَاثَهُ لِغَيْرِهِ بِعَقْدِ الْمُوَالَاةِ وَيَزْوِيَهُ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِمَنْ شَاءَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْوَصِيَّةِ ؛ إذْ كَانَتْ الْمُوَالَاةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِعَقْدِهِ وَإِيجَابِهِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلَائِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ، فَأَشْبَهَتْ


الصفحة التالية
Icon