وعن ابن مسعود : زيادة القنوط من رحمة الله والأمن من مكره. وفي بعض الروايات عن النبي ﷺ زيادة قول الزور وعقوق الوالدين والسرقة. وأما قول العلماء في الكبيرة فمنهم من قال : هي التي توجب الحد. وقيل : هي التي يلحق صاحبها الوعيد الشديد بنص أو كتاب أو سنة. وقيل : كل جريرة تؤذن بقلة اكتراث صاحبها بالدين. وقيل : لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار. ويراد بالإصرار المداومة على نوع واحد من الصغائر، أو الإكثار منها وإن لم تكن من نوع واحد. احتج أبو القاسم الكعبي بالآية على القطع بوعيد أهل الكبائر لأنها تدل على أنه إذا لم يجتنب الكبائر فلا تكفر عنه. والجواب عنه أن استثناء نقيض المقدم لا ينتج ويؤيده قوله تعالى :﴿ فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته ﴾ [ البقرة : ٢٨٣ ] وأداء الأمانة واجب أمنه أو لم يأمنه. سلمنا أنّ الآية رجعت إلى قوله من لم يجتنب الكبائر لم يكفر عنه سيّئاته، فغايته أنه يكون عاماً في باب الوعيد. والجواب عنه هو الجواب عن سائر العمومات، وهو أنه مشروط بعدم العفو عندنا كام أنه مشروط عندكم بعدم التوبة. ثم قالت المعتزلة : إنّ عند اجتناب الكبائر يجب غفران الصغائر، وعندنا لا يجب على الله شيء بل كل ما يفعله فهو فضل وإحسان. ويدخل في الاجتناب عن الكبائر الإتيان بالطاعات لأن ترك الواجب أيضاً كبيرة. ﴿ وندخلكم مدخلاً ﴾ فمن فتح الميم أراد مكان الدخول، ومن ضمها أراد الإدخال. ووصفه بالكرم إشعار بأنه على وجه التعظيم خلاف إدخال أهل النار الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم، أو هو وصف باعتبار صاحبه.


الصفحة التالية
Icon