أما سبب النزول فعن مجاهد قالت أم سلمة : يا رسول الله يغزو الرجال ولا نغزو، ولهم من الميراث ضعف ما لنا فنزلت. وعن قتادة والسدي : لما نزل قوله :﴿ للذكر مثل حظ الأنثيين ﴾ [ النساء : ١١ ] قال الرجال : نرجو أن نفضل على النساء في الآخرة كما فضلنا في الميراث. وقال النساء : نرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال. وفي رواية قلن : نحن أحوج لأن ضعفاءهم أقدر على طلب المعاش فنزلت. وقيل : أتت وافدة النساء إلى الرسول وقالت : رب الرجال والنساء واحد، وأنت الرسول إلينا وإليهم، وأبونا آدم وأمنا حواء فما السبب في أن الله يذكر الرجال ولا يذكرنا؟ فنزلت الآية. فقالت : وقد سبقنا الرجال بالجهاد فام لنا؟ فقال ﷺ " إن للحامل منكم أجر الصائم القائم، وإذا ضربها الطلق لم يدر أحد ام لها من الأجر، فإن أرضعت كان لها بكل مصة أجر إحياء نفس ". ﴿ للرجال نصيب مما اكتسبوا ﴾ من نعيم الدنيا وثواب الآخرة فينبغي أن يرضوا بما قسم لهم، وكذا للنساء، أو لكل فريق جزاء ما اكتسب من الطاعات فلا ينبغي أن يضيعه بسبب الحسد المذموم. وتلخيصه لا تضيع ما لك بتمني ما لغيرك. أو ﴿ للرجال نصيب مما اكتسبوا ﴾ بسبب قيامهم بالنفقة على النساء ﴿ وللنساء نصيب مما اكتسبن ﴾ بحفظ فروجهن وطاعة أزواجهن والقيام بمصالح البيت ﴿ واسئلوا الله من فضله ﴾ فعنده من ذخائر الإنعام ما لا ينفده مطالب الأنام. و " من " للتبعيض أي شيئاً من خزائن كرمه وطوله ﴿ إنّ الله كان بكل شيء عليماً ﴾ فهو العالم بما يكون صلاحاً للسائلين، فليقتصر السائل على المجمل وليفوّض التفصيل إليه فإن ذلك أقرب إلى الأدب وأوفق للطلب.
قوله سبحانه وتعالى :﴿ ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون ﴾ يمكن تفسيره بحيث يكون الوالدان والأقربون وارثين وبحيث يكونان موروثاً منهما.