فصل
قال الفخر :
إنه تعالى ذكر في هذه الآية من الأحوال المذمومة ثلاثا : أولها : كون الإنسان بخيلا وهو المراد بقوله :﴿الذين يَبْخَلُونَ﴾ وثانيها : كونهم آمرين لغيرهم بالبخل، وهذا هو النهاية في حب البخل، وهو المراد بقوله :﴿وَيَأْمُرُونَ الناس بالبخل﴾ وثالثها : قوله :﴿وَيَكْتُمُونَ مَا ءاتاهم الله مِن فَضْلِهِ﴾ فيوهمون الفقر مع الغنى، والإعسار مع اليسار، والعجز مع الإمكان، ثم إن هذا الكتمان قد يقع على وجه يوجب الكفر، مثل أن يظهر الشكاية عن الله تعالى، ولا يرضى بالقضاء والقدر، وهذا ينتهي إلى حد الكفر، فلذلك قال :﴿وَأَعْتَدْنَا للكافرين عَذَاباً مُّهِيناً﴾ ومن قال : الآية مخصوصة باليهود، فكلامه في هذا الموضع ظاهر، لأن من كتم الدين والنبوة فهو كافر، ويمكن أيضاً أن يكون المراد من هذا الكافر، من يكون كافرا بالنعمة، لا من يكون كافرا بالدين والشرع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٠﴾
فصل
قال أبو حيان :
﴿ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً ﴾ نزلت هذه الآية في قوم كفار.
روى عن ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد، وحضرمي : أنها نزلت في أحبار اليهود بخلوا بالإعلام بأمر محمد ﷺ، وكتموا ما عندهم من العلم في ذلك، وأمروا بالبخل على جهتين : أمروا أتباعهم بجحود أمر محمد ﷺ وقالوا للأنصار : لم تنفقون على المهاجرين فتفتقرون ؟ وقيل : نزلت في المنافقين.
وقيل : في مشركي مكة.
وعلى اختلاف سبب النزول اختلف أقوال المفسرين من المعنى بالذين يبخلون.
وقيل : هي عامّة في كل من يبخل ويأمر بالبخل من اليهود وغيرهم.
والبخل في كلام العرب : منع السائل شيئاً مما في يد المسؤول من المال، وعنده فضل.