وإنّما يصار إليها عندما يكون الغرض الأول هو طرف الإثبات، ثم يقصد بعد ذلك نفي الحكم عمّا عدا المثبت له، لأنّه إذا جيء بالقصر كان المقصد الأوّل هو نفي الحكم عمّا عدا المذكور وذلك غير مقتضَى المقام هنا، ولأجل ذلك لمّا خوطب بنو إسرائيل بنظير هذه الآية خوطبوا بطريقة القصر في قوله :﴿ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تبعدون إلاّ الله وبالوالدين إحساناً ﴾ [ البقرة : ٨٣ ] الآية، لأنّ المقصود الأوّل إيقاظهم إلى إبطال عبادة غير الله، لأنّهم قالوا لموسى :"اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة" ولأنّهم عبدوا العجل في مدّة مناجاة موسى ربَّه، فأخذ عليهم الميثاق بالنهي عن عبادة غير الله.
وكذلك البيت فإنّ الغرض الأهمّ هو التمدّح بأنّهم يُقتلون في الحرب، فتزهق نفوسهم بالسيوف، ثم بدا له فأعقبه بأنّ ذلك شنشنة فيهم لا تتخلّف ولا مبالغةَ فيها.
و﴿ شيئاً ﴾ منصوب على المفعولية ل ( تُشركوا ) أي لا تجعلوا شريكاً شيئاً ممّا يعبد كقوله :﴿ ولن نشرك بربنا أحداً ﴾ [ الجن : ٢ ] ويجوز انتصابه على المصدرية للتأكيد، أي شيئاً من الإشراك ولو ضعيفاً كقوله :﴿ فلن يضروك شيئاً ﴾ [ المائدة : ٤٢ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٢٢ ـ ١٢٣﴾
لطيفة
قال النسفى :
قيل : العبودية أربعة : الوفاء بالعهود، والرضا بالموجود، والحفظ للحدود، والصبر على المفقود. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ١ صـ ٢٢٤﴾