وقد جوّزوا انتصاب قريناً على الحال، أو على القطع، وهو ضعيف.
وبولغ في ذمّ هذا القرين لحمله على تلك الأوصاف الذميمة.
قال الزمخشري وغيره : ويجوز أن يكون وعيداً لهم بأن الشيطان يقرن بهم في النار انتهى.
فتكون المقارنة إذ ذاك في الآخرة يقرن به في النار فيتلاعنان ويتباغضان كما قال :﴿ مقرنين في الأصفاد ﴾ ﴿ وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين ﴾ وقال الجمهور : هذه المقارنة هي في الدنيا كقوله :﴿ وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ﴾ ﴿ ونقيض له شيطاناً فهو له قرين ﴾ ﴿ وقال قرينه ربنا ما أطغيته ﴾ قال ابن عطية : وقرن الطبري هذه الآية بقوله تعالى :﴿ بئس للظالمين بدلاً ﴾ وذلك مردود، لأنّ بدلاً حال، وفي هذا نظر.
والذي قاله الطبري صحيح، وبدلاً تمييز لا حال، وهو مفسر للضمير المستكن في بئس على مذهب البصريين، والمخصوص بالذم محذوف تقديره : هم أي الشيطان وذريته.
وإنما ذهب إلى إعراب المنصوب بعد نعم وبئس حالاً الكوفيون على اختلاف بينهم مقرر في علم النحو. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٥٨ ـ ٢٥٩﴾
فائدة
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً ﴾ في الكلام إضمار تقديره ﴿ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر ﴾ فقرينهم الشيطان ﴿ وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قَرِيناً ﴾.
والقرين : المقارن، أي الصاحب والخليل وهو فعيل من الإقران ؛ قال عدي ابن زيد :
عن المرء لا تسأل وسَلْ عن قَرِينه...
فكُّل قَرينٍ بالمقارنِ يَقْتَدي
والمعنى ؛ من قَبِلَ مِنْ الشيطان في الدّنيا فقد قارنه.
ويجوز أن يكون المعنى من قُرِن به الشيطان في النار "فساء قَرِيناً" أي فبئس الشيطان قريناً، وهو نصب على التمييز. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٩٤﴾.