و ﴿ لو آمنوا ﴾ شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه، وقد قدّم دليل الجواب اهتماماً بالاستفهام، كقول قَتيلة بنت الحارث :
مَا كانَ ضَرَّك لو مَننت وربما...
منَّ الفتى وهو المَغيظ المُحْنَقُ
ومن هذا الاستعمال تَوَلَّدَ معنى المصدرية في لو الشرطية، فأثبته بعض النحاة في معاني لو، وليس بمعنى لو في التحقيق، ولكنه ينشأ من الاستعمال.
وتقدير الكلام : لو آمنوا ماذا الذي كان يتعبهم ويثقلهم، أي لكان خفيفاً عليهم ونافعاً لهم، وهذا من الجدل بإراءة الحالة المتروكة أنفعَ ومحمودةً.
ثم إذا ظهر أنّ التفريط في أخفّ الحالين وأسدّهما أمر نكر، ظهر أنّ المفرّط في ذلك مَلوم، إذ لم يأخذ لنفسه بأرشد الخَلَّتين، فالكلام مستعمل في التوبيخ استعمالا كنائيا بواسطتين.
والملام متوجّه للفريقين : الذين يبخلون ؛ والذين ينفقون رئاء، لقوله :﴿ لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله ﴾ على عكس ترتيب الكلام السابق.
وجملة :﴿ وكان الله بهم عليماً ﴾ معترضة في آخر الكلام، وهي تعريض بالتهديد والجزاء على سوء أعمالهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٢٧ ـ ١٢٨﴾