ثم استأنف بقوله :﴿ لَوْ آمَنُواْ ﴾ ويكُون جَوَابُهَا مَحْذُوفاً، أي : حصلت لهم السَّعَادة، ويحتمل أن يَكُون [ تمام ] الكَلاَم بـ " لو " ومَا بَعْدَها، وذلك على جَعْل " لو " مصدريَّة عند من يُثْبِتُ لها ذلك، أي : وماذا عليهم في الإيمان، ولا جَواب لها حينئذٍ، وأجاز ابن عطيَّة أن يَكُون ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ ﴾ جواباُ لـ " لَوْ "، فإن أراد من جهة المَعْنَى فمُسلَّمٌ وإن أرادَ من جهة الصِّنَاعة فَفَاسِدٌ ؛ لأن الجواب الصِّنَاعي لا يتقدّم عند البَصْرِيِّين، وأيضاً فالاستفهام لا يُجَاب بـ " لو "، وأجاز أبُو البَقَاء في " لو " أن تكُون بمعنى " إن " الشَّرطيّة ؛ كما جاء في قوله :﴿ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ] أي : وأيُّ شيءٍ عليهم إن آمَنُوا. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٣٨١﴾.
فوائد بلاغية
قال أبو حيان :
قيل : وتضمنت هذه الآيات أنواعاً من الفصاحة والبلاغة والبديع.
التكرار وهو في : نصيب مما اكتسبوا، ونصيب مما اكتسبن.
والجلالة : في واسئلوا الله، إن الله، وحكماً من أهله، وحكماً من أهلها، وبعضكم على بعض، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
وقوله : لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وقريناً وساء قريناً.
والجلالة في : مما رزقهم الله، وكان الله.
والتجنيس المغاير في : حافظات للغيب بما حفظ الله، وفي : يبخلون وبالبخل.
ونسق الصفات من غير حرف في : قانتات حافظات.
والنسق بالحروف على طريق ذكر الأوكد فالأوكد في : وبالوالدين إحساناً وما بعده.
والطباق المعنوي في : نشوزهنّ فإن أطعنكم، وفي : شقاق بينهما ويوفق الله.
والاختصاص في قوله : من أهله ومن أهلها، وفي قوله : عاقدت أيمانكم.
والإبهام في قوله : به شيئاً وإحساناً، وما ملكت فشيوع شيئاً وإحساناً وما واضح.
والتعريض في : مختالاً فخوراً.
أعرض بذلك إلى ذم الكبر المؤدّي للبعد عن الأقارب الفقراء واحتقارهم واحتقار من ذكر معهم.
والتأكيد بإضافة الملك إلى اليمين في : وما ملكت أيمانكم.
والتمثيل : في ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً.
والحذف في عدّة مواضع. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٦٠﴾