قال علماؤنا : بكاء النبي ﷺ إنما كان لعظيم ما تضمنته هذه الآية من هَوْل المطلع وشدّة الأمر ؛ إذ يؤتى بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب، ويؤتى به ﷺ يوم القيامة شهيداً.
والإشارة بقوله "عَلَى هَؤلاَءِ" إلى كفار قريش وغيرهم من الكفار ؛ وإنما خص كفار قريش بالذكر لأن وظيفة العذاب أشدّ عليهم منها على غيرهم ؛ لعنادهم عند رؤية المعجزات، وما أظهره الله على يديه من خوارق العادات.
والمعنى فكيف يكون حال هؤلاء الكفار يوم القيامة ﴿ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً ﴾ أمُعذبين أم منعّمين ؟ وهذا استفهام معناه التوبيخ.
وقيل : الإشارة إلى جميع أمته.
ذكرابن المبارك أخبرنا رجل من الأنصار عن المِنْهال بن عمرو حدّثه أنه سمع سعيد بن المُسَيِّب يقول : ليس من يوم إلاّ تُعرض على النبي ﷺ أمته غُدوةً وعشيةً فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم ؛ يقول الله تبارك وتعالى ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ ﴾ يعني بنبيّها ﴿ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٩٧ ـ ١٩٨﴾.
فصل
قال الفخر :
من عادة العرب أنهم يقولون في الشيء الذي يتوقعونه : كيف بك إذا كان كذا وكذا، وإذا فعل فلان كذا، وإذا جاء وقت كذا، فمعنى هذا الكلام : كيف ترون يوم القيامة إذا استشهد الله على كل امة برسولها، واستشهدك على هؤلاء، يعني قومه المخاطبين بالقرآن الذين شاهدهم وعرف أحوالهم.
ثم إن أهل كل عصر يشهدون على غيرهم ممن شاهدوا أحوالهم، وعلى هذا الوجه قال عيسى عليه السلام :" وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٥﴾