ومن فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :
﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)﴾
الفاء يجوز أن تكون فاء فصيحة تدلّ على شرط مقدّر نشأ عن الوعيد في قوله :﴿ وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً ﴾ [ النساء : ٣٧ ] وقوله :﴿ فساء قربناً ﴾ [ النساء : ٣٨ ] ؛ وعن التوبيخ في قوله :﴿ وماذا عليهم ﴾ [ النساء : ٣٩ ] وعن الوعد في قوله :﴿ إن الله لا يظلم مثقال ذرة ﴾ [ النساء : ٤٠ ] الآية، والتقدير : إذا أيقنت بذلك فكيفَ حال كلّ أولئك إذا جاء الشهداء وظهر موجَب الشهادة على العمل الصالِح وعلى العمل السيّىء، وعلى هذا فليس ضميرُ ( بكَ ) إضماراً في مقام الإظهار، ويجوز أن تكون الفاء للتفريع على قوله :﴿ إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ﴾ [ النساء : ٤٠ ]، أي يتفرّع عن ذلك سؤال عن حال الناس إذا جئنا من كلّ أمة بشهيد ؛ فالناسُ بين مستبشر ومتحسّر، وعلى هذا فضمير ﴿ بك ﴾ واقع موقع الاسم الظاهر لأنّ مقتضَى هذا أن يكون الكلام مسوقاً لجميع الأمّة، فيقتضي أن يقال : وجئنا بالرَّسُول عليهم شهيداً، فعُدل إلى الخطاب تشريفاً للرسول ﷺ بعزّ الحُضور والإقبال عليه.