حَسُنَ بعد ذلك التَّنْبِيهُ على الحالَةِ الَّتي يُحْضَرُ ذلك فيها، ويُجَاءُ فيها بالشُّهَدَاءِ على الأُمَمِ، ومعنى الآيةِ : أنَّ اللَّه سبحانه يأتي بالأنبياءِ شُهَدَاءَ عَلَى أُمَمِهِمْ بالتَّصْديق والتَّكْذيب، ومعنى الأُمَّة ؛ في هذه الآية : جميعُ مَنْ بُعِثَ إِلَيْه ؛ مَنْ آمَنَ منهم، ومَنْ كَفَر، وكذَلِكَ قال المتأوِّلون : إِن الإِشَارةَ ب "هؤلاء" إِلَى قُرَيْشٍ وغيرِهِم، ورُوِيَ أنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ، فَاضَتْ عَيْنَاهُ، وكذلك ذَرِفَتْ عَيْنَاهُ - عليه السلام - حِينَ قَرَأَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ ؛ حَسْبَما هو مذكورٌ في الحديثِ الصَّحِيح، وفي "صحيحِ البخاريِّ"، عن عُقْبَةَ بنِ عامرٍ، قَالَ :" صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى المَيِّتِ بَعد ثمان سنين، كالمُوَدِّع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر، فقال : إنِّي بَيْنَ أَيْدِيِكُمْ فَرَطٌ، وأَنا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ وإِنَّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هذا، وإِنِّي لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكُمُ الدنيا أن تنافسوها "، قال : فكانت آخر نظرة نظرتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى :﴿ لَوْ تسوى ﴾ قالت فرقة معناه : تنشق الأرض، فيحصلون فيها، ثم تتسوَّى هي في نفسها عليهم وبهم، وقالت فرقة : معناه لو تستوي هي معهم في أن يكونوا ترابا كالبهائم.