هذا ما خطر ببالي في تقرير هذا النسخ.
والجواب عنه : أنا بينا أن حاصل هذا النهي راجع إلى النهي عن الشرب الموجب للسكر عند القرب من الصلاة، وتخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه إلا على سبيل الظن الضعيف، ومثل هذا لا يكون نسخا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٩﴾
فائدة
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لاَ تَقْرَبُواْ ﴾ إذا قيل : لا تقرب بفتح الراء كان معناه لا تَلْبَس بالفعل، وإذا كان بضم الراء كان معناه لا تَدْنُ منه.
والخطاب لجماعة الأُمة الصاحِين.
وأما السّكران إذا عدم المَيْز لسكره فليس بمخاطب في ذلك الوقت لذهاب عقله ؛ وإنما هو مخاطب بامتثال ما يجب عليه، وبتكفير ما ضيع في وقت سكره من الأحكام التي تقرّر تكليفه إياها قبل السكر. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٠١ ـ ٢٠٢﴾.

فصل


قال القرطبى :
وفي هذه الآية دليل بل نصّ على أن الشرب كان مباحاً في أوّل الإسلام حتى ينتهي بصاحبه إلى السكر.
وقال قوم : السّكر محرّم في العقل وما أُبيح في شيء من الأديان ؛ وحملَوا السُّكر في هذه الآية على النوم.
وقال القَفَّال : يحتمل أنه كان أُبيح لهم من الشراب ما يحرّك الطبع إلى السخاء والشجاعة والحَمِيّة.
قلت : وهذا المعنى موجود في أشعارهم ؛ وقد قال حسان :
ونشربها فتتركنا ملوكا...
وقد أشبعنا هذا المعنى في "البقرة".
قال القَفّال : فأمّا ما يزيل العقل حتى يصيّر صاحبه في حدّ الجنون والإغماء فما أُبيح قَصْدُه، بل لو اتفق من غير قصد فيكون مرفوعاً عن صاحبه.
قلت : هذا صحيح، وسيأتي بيانه في "المائدة" إن شاء الله تعالى في قصة حمزة.


الصفحة التالية
Icon