وأنّ الفاعل في يشاء هو عائد على الله تعالى، لا على من، والمعنى : ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء أن يغفر له.
وفي قوله تعالى : لمن يشاء، ترجئة عظيمة بكون من مات على ذنب غير الشرك لانقطع عليه بالعذاب، وإن مات مصرّاً.
قال عبد الله بن عمر : كنا على عهد رسول الله ﷺ إذا مات الرجل على كبيرة شهدنا له أنه من أهل النار، حتى نزلت هذه الآية، فأمسكنا عن الشهادات.
وفي حديث عبادة بن الصامت في آخره " ومن أصاب شيئاً من ذلك أي من المعاصي التي تقدّم ذكرها فستره عليه، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه " أخرجه مسلم.
ويروى عن علي وغيره من الصحابة : ما في القرآن آية أحب إلينا من هذه الآية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٨٠ ـ ٢٨١﴾
قوله تعالى ﴿وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً﴾
قال الفخر :
﴿وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً﴾ أي اختلق ذنبا غير مغفور، يقال : افترى فلان الكذب إذا اعتمله واختلقه، وأصله من الفرى بمعنى القطع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٠١﴾
وقال الطبرى :
﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨) ﴾
يعني بذلك جل ثناؤه :"ومن يشرك بالله" في عبادته غيره من خلقه "فقد افترى إثما عظيما"، يقول : فقد اختلق إثما عظيمًا.
وإنما جعله الله تعالى ذكره"مفتريًا"، لأنه قال زورًا وإفكًا بجحوده وحدانية الله، وإقراره بأن لله شريكًا من خلقه وصاحبة أو ولدًا. فقائل ذلك مُفترٍ. وكذلك كل كاذب، فهو مفترٍ في كذبه مختلقٌ له. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٨ صـ ٤٥١﴾