والفراء يجعل المبتدأ المحذوف اسماً موصولاً، و﴿ يُحَرّفُونَ ﴾ صلته أي : من الذين هادوا من يحرفون والبصريون يمنعون حذف الموصول مع بقاء صلته إلا أنه يؤيده ما في مصحف حفصة رضي الله تعالى عنها مَن يحرفون واعترض هذا أيضاً بأنه يقتضي بظاهره كون الفريق السابق بمعزل من التحريف الذي هو المصداق لاشترائهم في الحقيقة، والكلم اسم جنس واحده كلمة كلبنة ولبن، ونبقة ونبق وقيل : جمع وليس بشيء على المختار ولعل من أطلقه عليه أراد المعنى اللغوي أعني ما يدل على ما فوق الإثنين مطلقاً، وتذكير ضميره باعتبار أفراده لفظاً، وجمعيته باعتبار تعدده معنى، وقرىء بكسر الكاف وسكون اللام جمع كلمة تخفيف كلمة بنقل كسرة اللام إلى الكاف، وقرىء ﴿ يُحَرّفُونَ ﴾، والمراد به ههنا إما ما في التوراة وإما ما هو أعم منه، ومما سيحكي عنهم من الكلمات الواقعة منهم في أثناء محاورتهم مع الرسول ﷺ، والأول : هو المأثور عن السلف كابن عباس ومجاهد وغيرهما، وتحريف ذلك إما إزالته عن مواضعه التي وضعه الله تعالى فيها من التوراة كتحريفهم ربعة في نعت النبي ﷺ، ووضعهم مكانه طوال، وكتحريفهم الرجم ووضع الحد موضعه، وإما صرفه عن المعنى الذي أنزله الله تعالى فيه إلى ما لا صحة له بالتأويلات الفاسدة والتمحلات الزائغة كما تفعله المبتدعة في الآيات القرآنية المخالفة لمذهبهم، ويؤيد الأول ما رواه البخاري عن ابن عباس قال : كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسوله أحدث تقرءونه محضاً لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله تعالى وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا : هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً، واستشكل بأنه كيف يمكن ذلك في الكتاب الذي بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر