واحتماله للشر بأن يحمل على معنى اسمع مدعوا عليك بلا سمعت، أو اسمع غير مجاب إلى ما تدعو إليه، أو اسمع نابي السمع عما تسمعه لكراهيته عليك، أو اسمع كلاماً غير مسمع إياك لأن أذنيك تنبو عنه فغير إما حال لا غير، وإما مفعول به وصحت الحالية على الاحتمال الأول باعتبار أن الدعاء هو المقصود لهم وأنهم لما قدروا لعنهم الله تعالى إجابته صار كأنه واقع مقرر، واحتماله للخير بأن يحمل على معنى : اسمع منا غير مسمع مكروهاً من قولهم : أسمعه فلان إذا سبه، وكان أصله أسمعه ما يكره فحذف مفعوله نسياً منسياً وتعورف في ذلك، وقد كانوا لعنهم الله تعالى يخاطبون بذلك رسول الله ﷺ استهزاءاً مظهرين له ﷺ المعنى الأخير وهم يضمرون سواه.
﴿ وراعنا ﴾ عطف على ما قبله أي ويقولون أيضاً في أثناء خطابهم له ﷺ هذا وهو ذو وجهين كسابقه، فاحتماله للخير على معنى أمهلنا وانظر إلينا، أو انتظرنا نكلمك، واحتماله للشر بحمله على السب، ففي "التيسير" : إن راعنا بعينه مما يتسابون به وهو للوصف بالرعونة، وقيل : إنه يشبه كلمة سب عندهم عبرانية أو سريانية وهي راعينا، وقيل : بل كانوا يشبعون كسر العين ويعنون لعنهم الله تعالى أنه وحاشاه ﷺ بمنزلة خدمهم ورعاة غنمهم، وقد كانوا يقولون ذلك مظهرين الاحترام والتوقير مضمرين ما يستحقون به جهنم وبئس المصير.