وقيل معناه : غير مُسْمَع مَكروهاً، فلعلّ العرب كانوا يقولون : أسْمَعَه بمعنى سَبَّه.
والحاصل أنّ هذه الكلمة كانت معروفة الإطلاق بين العرب في معنى الكرامة والتلطّف.
إطلاقاً متعارفاً، ولكنّهم لمّا قالوها للرسول أرادوا بها معنى آخر انتحلوه لها من شيء يسمَح به تركيبها الوضعي، أي أن لا يسمع صوتاً من متكلّم.
لأن يصير أصمّ، أو أن لا يُستجاب دعاؤه.
والذي دلّ على أنّهم أرادوا ذلك قوله بعد :﴿ ولو أنهم قالوا ﴾ إلى قوله :﴿ اسمع وانظرنا ﴾ فأزال لهم كلمة ( غير مسمع ).
وقصدُهم من إيراد كلام ذي وجهين أن يُرضوا الرسول والمؤمنين ويُرضوا أنفسهم بسوء نيتهم مع الرسول عليه السلام ويرضوا قومهم، فلا يجدوا عليهم حجّة.
وقولهم :﴿ وراعنا ﴾ أتوا بلفظ ظاهره طلب المُراعاة، أي الرفق، والمراعاة مفاعلة مستعملة في المبالغة في الرعي على وجه الكناية الشائعة التي ساوت الأصل، ذلك لأنّ الرعي من لوازمه الرفقُ بالمرعِيّ، وطلب الخصب له، ودفع العادية عنه.


الصفحة التالية
Icon