﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍٍ ﴾ عطف على :﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ داخل تحت القول أي : ويقولون ذلك في أثناء مخاطبته عليه الصلاة والسلام خاصة، وهو كلام ذو وجهين محتمل للشر، بأن يحمل على معنى :﴿ اسْمَعُ ﴾ حال كونك غير مسمع كلاماً أصلاً، بصمم أو موت، أي : مدعواً عليك بلا سمعت، أو غير مسمع كلاماً ترضاه، وللخير بأن يحمل على : اسمع منا غير مسمع مكروهاً، كانوا يخاطبون به النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم استهزاء به ( عليهم اللعنة ) مظهرين له إرادة المعنى الأخير وهم مضمرون المعنى الأول مطمئنون به :﴿ وَرَاعِنَا ﴾ عطف على ما قبله، أي : ويقولون راعناً في أثناء خطابهم له صَلّى اللهُ عليّه وسلّم هذا أيضاً، وهي كلمة ذات وجهين أيضاً محتملة للخير بحملها على معنى ارقبنا وانظرنا نكلمك، وللشر بحملها على شبه كلمة عبرانية كانوا يتسابّون بها، أو على السب بالرعونة أي : الحمق، وبالجملة فكانوا، سخرية بالدين وهزؤاً برسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم، يكلمونه بكلام محتمل ينوون به الشتيمة والإهانة ويظهرون به التوقير والإكرام :﴿ لَيّا بِأَلْسِنَتِهِمْ ﴾ أي : فتلاً بها وصرفاً للكلام من وجه إلى وجه وتحريفها، أي : يفتلون بألسنتهم الحق إلى الباطل حيث يضعون :﴿ رَاعِنَا ﴾ موضع :﴿ انظُرْنَا ﴾ و :﴿ غَيْرَ مُسْمَعٍٍ ﴾ موضع ( لا أسمعت مكروهاً ) أو يفتلون بألسنتهم ما يضمرونه من الشتم إلى ما يظهرون من التوقير نفاقاً، فإن قلت : كيف جاؤوا بالقول المحتمل ذي الوجهين بعد ما صرحوا وقالوا :﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ ؟ قلت : جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان ولا يواجهونه بالسب ودعاء السوء، ويجوز أن يقولوه فيما بينهم ويجوز أن لا ينطقوا بذلك ولكنهم لما لم يؤمنوا جعلوا كأنهم نطقوا به، كذا في الكشاف.
وأصل :﴿ لَيّاً ﴾ لوياً لأنه من لويت أدغمت الواو في الياء لسبقها بالسكون، ومثله ( الطيّ ).


الصفحة التالية
Icon