ومن آله من آمن به، ومنهم من كفر مثل أبيه آزر، وامْرأةِ ابن أخيه لوط، أي فليس تكذيب اليهود محمّدا بأعجب من ذلك، ﴿ سُنَّة من قد أرسلنا قبلَك من رُسلنا ﴾ [ الإسراء : ٧٧ ]، ليَكون قد حصل الاحتجاج عليهم في الأمرين في إبطال مستند تكذيبهم ؛ بإثباتتِ أنّ إتيان النبوءة ليس ببدع، وأن محمّدا من آل إبراهيم، فليس إرساله بأعجب من إرسال موسى.
وفي تذكيرهم بأنّ هذه سنّة الأنبياء حتى لا يَعُدّوا تكذيبهم محمّدا ﷺ ثلمة في نبوءته، إذ لا يعرف رسولا أجمْعَ أهل دعوته على تصديقه من إبراهيم فَمن بعده. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٥٨﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فمنهم من آمن به ﴾ فيمن تعود عليه الهاء، والميم قولان.
أحدهما : اليهود الذين أنذرهم نبينا محمد ﷺ، وهذا قول مجاهد، ومقاتل، والفراء في آخرين.
فعلى هذا القول في هاء "به" ثلاثة أقوال.
أحدها : تعود على ما أنزل الله على نبينا محمد ﷺ، قاله مجاهد.
قال أبو سليمان : فيكون الكلام مبنيا على قوله ﴿ على ما آتاهم الله من فضله ﴾ وهو النبوة، والقرآن.
والثاني : أنها تعود إِلى النبي ﷺ، فتكون متعلقة بقوله ﴿ أم يحسدون الناس ﴾ يعني بالناس : محمداً ﷺ، ويكون المراد بقوله ﴿ فمنهم من آمن به ﴾ عبد الله بن سلام، وأصحابه.
والثالث : أنها تعود إلى النَّبأِ عن آل إِبراهيم، قاله الفراء.
والقول الثاني : أن الهاء، والميم في قوله "فمنهم" تعود إِلى آل إِبراهيم، فعلى هذا في هاء "به" قولان.
أحدهما : أنها عائدة إِلى إِبراهيم، قاله السدي.
والثاني : إِلى الكتاب، قاله مقاتل.