[ وقوله :" ولا يظلمون "، يجوزُ أنْ يكونَ حَالاً ممَّا تقدَّم، وانْ يكون مُسْتَأنفاً، والضميرُ في " يظلمون " يجوزُ أنْ يعود على " من يشاء " ] أيْ : لا يُنْقِصُ مِنْ تزكيتهم شيئاً، وإنَّما جَمَعَ الضميرَ ؛ حَمْلاً على مَعْنَى " من " وأنْ يَعُودَ على الذين يُزَكونَ، وأنْ يعُودَ على القَبِيليْن مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ، وَمَنْ زَكَّاهُ الله، فَذَاكَ لاَ يُنْقِصُ من عقابه شَيْئاً، وهذا لا يُنْقِصُ مِنْ ثَوَابِهِ شَيْئاً، والأوَّلُ أظْهَرُ ؛ لأن " من " أقَرْبُ مَذْكُورٍ، ولأنَّ " بل " إضرابٌ مُنْقطعٌ ما بَعْدَهَا عمَّا قَبْلَهَا.
وقال أبُو البَقَاءِ : ويجوزُ أن يكُونَ مُسْتأنَفاً، أيْ : منْ زَكَّى نَفْسَه، ومَنْ زَكَّاهُ اللهُ. انتهى.
فجعل عودَ الضميرِ على الفَريقَيْنِ ؛ بِناءً على وَجْهِ الاسْتِئْنافِ، وهذا غيرُ لازِمٍ [ بل ] يجوزُ عودهُ عَلَيْهِمَا، والجملةُ حَالِيَّةٌ.
و﴿ فَتِيلاً ﴾ مَفعُولٌ ثانٍ ؛ لأن الأولَ قامَ مَقَامَ الفاعِلِ، ويجوزُ أنْ يكونَ نَعْت مَصْدرٍ مَحْذُوفٍ، كما تقدَّمَ تقديره في :﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [ النساء : ٤٠ ]، والفَتِيلُ : خَيْطٌ رَقيقٌ في شِقِّ النَّواة [ يَضْرَبُ به المَثلُ في القِلَّةِ، قالَهُ ابنُ السّكيتِ، وغيرُهُ.