والجواب الثالث : أن الجلود المُعادَةَ إنما هي سرابيلهم من قبل أن جعلت لهم لباساً، فسماها الله جلوداً، وأنكر قائل هذا القول أن تكون الجلود تحترق وتعاد غير محترقة، لأن في حال احتراقها إلى حال إعادتها فناءَها، وفي فنائها راحتها، وقد أخبر الله تعالى : أنهم لا يموتون ولا يخفف عنهم العذاب. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٤٩٧ ـ ٤٩٨﴾
سؤالان :
السؤال الأول : قوله :﴿لِيَذُوقُواْ العذاب﴾ أي ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع، كقولك للمعزوز : أعزك الله، أي أدامك على العز وزادك فيه.
وأيضا المراد ليذوقوا بهذه الحالة الجديدة العذاب، وإلا فهم ذائقون مستمرون عليه.
السؤال الثاني : أنه إنما يقال : فلان ذاق العذاب إذا أدرك شيئا قليلا منه، والله تعالى قد وصف أنهم كانوا في أشد العذاب، فكيف يحسن أن يذكر بعد ذلك أنهم ذاقوا العذاب ؟
والجواب : المقصود من ذكر الذوق الإخبار بأن إحساسهم بذلك العذاب في كل حال يكون كإحساس الذائق المذوق، من حيث أنه لا يدخل فيه نقصان ولا زوال بسبب ذلك الاحتراق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٠٩﴾
قوله تعالى ﴿إِنَّ الله كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً﴾
قال الفخر :
والمراد من العزيز : القادر الغالب، ومن الحكيم : الذي لا يفعل إلا الصواب، وذكرهما في هذا الموضع في غاية الحسن، لأنه يقع في القلب تعجب من أنه كيف يمكن بقاء الإنسان في النار الشديدة أبد الآباد! فقيل : هذا ليس بعجيب من الله، لأنه القادر الغالب على جميع الممكنات، يقدر على إزالة طبيعة النار، ويقع في القلب أنه كريم رحيم، فكيف يليق برحمته تعذيب هذا الشخص الضعيف إلى هذا الحد العظيم ؟ فقيل : كما أنه رحيم فهو أيضا حكيم، والحكمة تقتضي ذلك.