وقال أبو عبد الله الرازي : وإنما قال ظل ظليلاً لأن بلاد العرب في غاية الحرارة، فكان الظل عندهم من أعظم أسباب الراحة، ولهذا المعنى جعل كناية عن الراحة ووصفه بالظليل مبالغة في الراحة.
وقال الزمخشري : ظليل صفة مشتقة من لفظ الظل لتأكيد معناه، كما يقال : ليل أليل، ويوم أيوم، وما أشبه ذلك وهو ما كان فينانا لا جوب فيه، ودائماً لا تنسخه الشمس.
وسجسجاً لا حرّ فيه ولا برد، وليس ذلك إلا ظل الجنة رزقنا الله بتوفيقه ما يزلف إليه التقيؤ تحت ذلك الظل.
وفي قراءة عبد الله : سيدخلهم بالياء انتهى.
وقال الحسن : قد يكون ظل ليس بظليل يدخله الحر والشمس، فلذلك وصف ظل الجنة بأنه ظليل.
وعن الحسن : ظل أهل الجنة يقي الحر والسموم، وظل أهل النار من يحموم لا بارد ولا كريم.
ويقال : إنّ أوقات الجنة كلها سواء اعتدال، لا حر فيها ولا برد.
وقرأ النخعي وابن وثاب : سيدخلهم بالياء، وكذا ويدخلهم ظلاً، فمن قرأ بالنون وهم الجمهور فلاحظ قوله في وعيد الكفار :﴿ سوف نصليهم ﴾ ومن قرأ بالياء لاحظ قوله :﴿ إن الله كان عزيزاً حكيماً ﴾ فأجراه على الغيبة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٨٦ ـ ٢٨٧﴾
سؤال : فإن قيل : أفي الجنة برد أو حر يحتاجون معه إلى ظل ؟
فالجواب : أن لا، وإنما خاطبهم بما يعقلون مثله، كقوله :﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ﴾ [ مريم : ٦٢ ] وجواب آخر : وهو أنه إِشارة إِلى كمال وصفها، وتمكين بنائِها، فلو كان البرد أو الحرّ يتسلط عليها، لكان في أبنيتها وشجرها ظل ظليل. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ١١٣﴾
فصل
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿ والذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ ذكر هنا للمقابلة وزيادة الغيظ للكافرين.