وَوَقَائِعُ هَذِهِ السُّورَةِ مَدَنِيَّةٌ كَمَا بَيَّنَاهُ، وَمُحَاجَّةُ الْيَهُودِ وَبَيَانُ أَحْوَالِهِمْ لَمْ يُفَصَّلْ إِلَّا فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ بَعْدَ ابْتِلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِكَيْدِهِمْ فِيهَا وَفِي جِوَارِهَا، فَفِي الرِّوَايَةِ خَلْطٌ سَبَبُهُ اشْتِبَاهُ بَعْضِ الرُّوَاةِ فِي الْأَسْبَابِ الْمُتَشَابِهَةِ، وَسَيَأْتِي بَعْضُ رِوَايَاتِ ابْنِ جَرِيرٍ فِي ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا السِّيَاقُ كُلُّهُ قَدْ نَزَلَ بَعْدَ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا ; إِذْ نَقَضَ الْيَهُودُ عَهْدَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَاتَّحَدُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى اسْتِئْصَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ هُوَ تَفْضِيلُهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا صَرَّحُوا بِالتَّفْضِيلِ بِالْقَوْلِ عِنْدَ النِّدَاءِ بِالنَّفِيرِ لِحَرْبِ الْمُؤْمِنِينَ.


الصفحة التالية
Icon