الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : قَالُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قِصَّةُ وَحْشِيٍّ، وَأَنَّهُ نَدِمَ عَلَى قَتْلِهِ لَمَّا أَخْلَفَهُ مَوْلَاهُ مَا وَعَدَهُ مِنْ عِتْقِهِ، وَرَاجَعَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي إِسْلَامِهِ، فَكَأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ أَنَّ اللهَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ كَانَ يُدَاعِبُ وَحْشِيًّا وَأَصْحَابَهُ وَيَسْتَمِيلُهُمْ بِآيَةٍ بَعْدَ آيَةٍ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا كُلِّهِ، فَالْكَلَامُ مُلْتَئِمٌ بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ، فَهُوَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مِنْ شَأْنِ الْيَهُودِ وَأَنَّ عُمْدَتَهُمْ
فِي تَكْذِيبِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَحْرِيفُ أَحْبَارِهِمْ لِلْكِتَابِ، وَاتِّبَاعُهُمْ لَهُمْ فِي أَمْرِ الدِّينِ كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ (٩ : ٣١)، وَوَرَدَ فِي تَفْسِيرِهَا الْمَرْفُوعِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْبَعُونَهُمْ فِي التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ إِلَى أَصْلِ الْكِتَابِ، فَهَذِهِ الْآيَةُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُمْ وَقَعُوا فِي الشِّرْكِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى ; إِذِ الشِّرْكُ بِاللهِ يَتَحَقَّقُ بِاعْتِمَادِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِ اللهِ مَعَ اللهِ فِي طَلَبِ النَّجَاةِ مِنْ رَزَايَا الدُّنْيَا وَمَصَائِبِهَا، أَوْ مِنَ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا يَتَحَقَّقُ بِالْأَخْذِ بِقَوْلِ


الصفحة التالية
Icon