وذلك أن"الجبت" و"الطاغوت" : اسمان لكل معظَّم بعبادةٍ من دون الله، أو طاعة، أو خضوع له، كائنًا ما كان ذلك المعظَّم، من حجر أو إنسان أو شيطان. وإذ كان ذلك كذلك، وكانت الأصنام التي كانت الجاهلية تعبدها، كانت معظمة بالعبادة من دون الله فقد كانت جُبوتًا وطواغيت. وكذلك الشياطين التي كانت الكفار تطيعها في معصية الله، وكذلك الساحر والكاهن اللذان كان مقبولا منهما ما قالا في أهل الشرك بالله. وكذلك حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف، لأنهما كانا مطاعين في أهل ملّتهما من اليهود في معصية الله والكفر به وبرسوله، فكانا جبتين وطاغوتين. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٨ صـ ٤٦٥﴾
فائدة
قال أبو حيان :
وقد جعل رسول الله ﷺ الكلام على المغيبات جبتاً لكون علم الغيب يختص بالله تعالى.
خرج أبو داود في سننه عن رسول الله ﷺ أنه قال :" الطرق والطيرة والعيافة من الجبت " الطرق الزجر، والعيافة الخط.
فإن الجبت والطاغوت الأصنام أو ما عبد من دون الله، فالإيمان بهما التصديق بأنهما آلهة يشركونهما في العبادة مع الله، وإن كان حيياً، وكعباً، أو جماعة من اليهود، أو الساحر، أو الكاهن، أو الشيطان، فالإيمان بهم عبارة عن طاعتهم وموافقتهم على ما هم عليه، ويكون من باب إطلاق ثمرة الإيمان وهي الطاعة على الإيمان. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٨٣﴾
فائدة
قال الآلوسى :
ومعنى الإيمان بهما إما التصديق بأنهما آلهة وإشراكهما بالعبادة مع الله تعالى، وإما طاعتهما وموافقتهما على ما هما عليه من الباطل، وإما القدر المشترك بين المعنيين كالتعظيم مثلاً، والمتبادر المعنى الأول أي أنهم يصدقون بألوهية هذين الباطلين ويشركونهما في العبادة مع الإله الحق ويسجدون لهما. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٥٦﴾
فصل
قال الآلوسى :
﴿ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أي لأجلهم وفي حقهم فاللام ليست صلة القول وإلا لقيل أنتم بدل قوله سبحانه ﴿ هَؤُلاء ﴾ أي الكفار من أهل مكة.
﴿ أهدى مِنَ الذين ءامَنُواْ سَبِيلاً ﴾ أي أقوم ديناً وأرشد طريقة، قيل : والظاهر أنهم أطلقوا أفعل التفضيل ولم يلحظوا معنى التشريك فيه ؛ أو قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء لكفرهم، وإيراد النبي ﷺ وأتباعه بعنوان الإيمان ليس من قبل القائلين بل من جهة الله تعالى تعريفاً لهم بالوصف الجميل وتخطئة لمن رجح عليهم المتصفين بأشنع القبائح. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٥٦﴾