وقال أبُو البَقَاءِ : ولَمْ يَعْملْ - هنا - من أجْلِ حَرْفِ العَطْف وهُوَ الفَاء، ويجوزُ في غَيْرِ القُرْآنِ، أنْ يَعملَ مع الفَاءِ، وليس المبطل لا ؛ لأنَّ " لا " يتخطَّاهَا العامِلُ، فظاهِرُ هذه العبارَةِ : أنَّ المانِعَ حَرْفُ العَطْفِ، وليس كذلك، بل المانِعُ التلاوةُ، ولذلك قال آخراً : ويجوزُ في غَيْرِ القُرْآنِ.
قال سِيبَويْهِ :" إذن " في أصل الأفعالِ بمنزِلَةِ " أظن " في عَوَامِلِ الأسْمَاءِ، وتقريرهُ : أنَّ الظنَّ إذَا وَقَعَ أوَّلَ الكلام - نَصَبَ، لا غَيْرَ ؛ كقولِكَ : أظُنُّ زَيْداً قائماً، وإنْ تَوَسَّطَ جَازَ إلْغَاؤه، وإعْمَالهُ تقول : زَيدٌ ظننْتُ مُنْطلِقٌ، ومنطلقاً، وإنْ تأخَّر، ألْغِيَ.
والسببُ في ذلك ؛ أن " ظن " وأخواتِهَا، عَلِمَ، وحَسِبَ، ضَعِيفةٌ في العملِ ؛ لأنها لا تُؤثِّرُ في مَفْعُولاتِهَا، فإذا تَقَدَّمَتْ دلَّ تقدمُهَا على شِدَّةِ العِنَايَةِ فلغى، [ وإنْ توسَّطَتْ، لا يكون في مَحَلِّ العنايةِ مِنْ كُلِّ الوُجُوهِ، ولا في مَحَلِّ الإهْمَالِ من كل الوجوه، فَلاَ جَرَمَ أوْجَبَ توسُّطُها الإعْمالَ ]، والإعْمالُ في حَالِ التوسطِ أحسنُ والإلغاءُ حَالَ التأخُّرِ، أحْسَنُ، وإذا عرفتَ [ ذلك ] فنقول :" إذن " على هذا الترتيبِ، [ فإن تقدمَّتْ نَصَبَتِ الفعلَ، وإنْ توسَّطَتْ، أوْ تأخرتْ جاز الإلْغَاءُ ].