فأنتم إن كنتم تحرصون على هذا الجاه، وتريدون أن يكون لكم هذا الملك والجاه والعظمة فهل أنتم تعطون الناس من خيركم هذا حتى يكون هناك عذر لكم في الحرص على المال بأن الناس تستفيد منكم ؟
فلماذا تريدون أن يديم ربنا عليكم هذه وأنتم في قمة البخل والشح ؟ لا يمكن أن يديمها عليكم.
ولذلك فالحق سبحانه وتعالى يقول في سورة الفجر يوضح هذه العملية :
﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾
[الفجر : ١٥-١٦].
إذن فالذي عنده نعمة يقول :﴿ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾، والذي ليس عنده نعمة يقول ﴿ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾، فيقول الحق تعقيباً على القضيتين (كلا).
وما دام سبحانه يقول تعقيباً على القضيتين :(كلا) فمعنى هذا أن كلا الطرفين كاذب ؛ فأنت تكذب يا من قلت : إن النعمة التي أخذتها دليل الإكرام، وأنت كذاب أيضاً يا من قلت : عدم المال دليل الإهانة، فلا إعطاء المال دليل الإكرام، ولا سلب المال دليل الإهانة. وهي قضية غير صادقة وخاطئة من أساسها.
وقال الحق في حيثيات ذلك :
﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴾
[الفجر : ١٧].
أي عندكم المال ولا تكرمون اليتيم، إذن فهذا المال هو حجة عليكم، فهو ليس إكراما لكم بل سيعذبكم به. ويضيف سبحانه :
﴿ وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾
[الفجر : ١٨].
فكيف يكون المال - إذن - إكراماً وهو سيأتيك بمصيبة ؟ فعدمه أفضل ؛ فالمال الذي يوجد عند إنسان ولا يرعى حق الضعفاء فيه هو وبال وشرّ ؛ لأن الحق يقول :
﴿ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾
[آل عمران : ١٨٠].