وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة. أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش، فاستجاشهم على النبي ﷺ، وأمرهم أن يغزو وقال : إنا معكم نقاتله. فقالوا : إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل. ثم قالوا : نحن اهدى أم محمد، فنحن ننحر الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونصل الرحم، ونقري الضيف، ونطوف بهذا البيت، ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده. قال : بل أنتم خير وأهدى. فنزلت فيه ﴿ ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت... ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : أنزلت في كعب بن الأشرف قال : كفار قريش أهدى من محمد عليه السلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي عن أبي مالك قال " لما كان من أمر رسول الله ﷺ واليهود من النضير ما كان، حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين فهموا به وبأصحابه، فاطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك، ورجع رسول الله ﷺ إلى المدينة، هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة، فعاهدهم على محمد فقال له أبو سفيان : يا أبا سعيد إنكم قوم تقرأون الكتاب وتعلمون ونحن قوم لا نعلم، فاخبرنا ديننا خير أم دين محمد ؟ قال كعب : اعرضوا عليَّ دينكم.
فقال أبو سفيان : نحن قوم ننحر الكوماء، ونسقي الحجيج الماء، ونقري الضيف، ونحمي بيت ربنا، ونعبد آلهتنا التي كان يعبد آباؤنا، ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه. قال : دينكم خير من دين محمد فاثبتوا عليه، ألا ترون أن محمداً يزعم أنه بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء، وما نعلم ملكاً أعظم من ملك النساء. فذلك حين يقول ﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً... ﴾ الآية ".