إذا تقررت ذلك فالغرض الذي سبقت له الفاتحة وه إثبات استحقاق الله تعالى لجميع المحامد وصفا الكمال، واختصاصه بملك الدنيا والآخرة، وباستحقاق العبادة والاستعانة، بالسؤال في المن بإلزام صراط الفائزين والإنقاذ من طريق الهالكين مختصا بذلك كله، ومدار ذلك كله مراقبة العباد لربهم، لإفراده بالعبادة، نفهو مقصود الفاتحة بالذات وغيره وسائل إليه، فإنه لا بد في ذلك من إثبات إحاطته تعالى بكل شيء ولن يثبت حتى يعلم أنه المختص بأنه الخالق اللملك المالك، لأن المقصود منت إرسال الرسل وإنزال الكتب نصب الشرائع، والمقصود من نصب الشرائع جمع الخلق على الحق والمقصود من جمعهم تعريفهم الملك وبما يرضيه، وهو مقصود القرآن الذي انتظمته الفاتحة بالقصد الأول، ولن يكون ذلك إلا بما ذكر علما وعملا، ولما كان المقصود من جمعهم على الله تعالى معرفته لأجل عباداته وكان اتزام اسمه تعالى في كل حركة وسكون قائدا إلى مراقبته وداعيا إلى مخافته واعتقاد أن مصادر الأمور ومواردها منه وإليه شرعت التسمية أول كل شيء فصدرت بها الفاتحة. وقد التعود الذي هو من درء المفاسد تعظيما للقرآن بالإشارة إلى أن يتعين لتاليه أن يجتهد في تصفية سره وجمع متفرق أمره، لينال سؤله ومراده مما أودعه من خزائن السعادة بإعراضه عن العدو الحسود وإقباله على الولي الودود، ومن هنا تعرف مناسبة المعوذتين بالفاتحة. ولما افتتح التعوذ بالهمزة أشارة إلى ابتداء الخلق وختم بالميم إيماء إلى المعاد جعلت البسملة كلها للمعاد لأبتدائها بحرف شفوي، وختام أول كلماتها ومآخرها بآخر إشارة إلى أن الرجوع إليه في الدنيا معنى بتدبير الأمور وإن كان أكثر الخلق غافلا عنه، وفي البرزخ حسا بالاموت، وفي الآخرة كذلك بالبعث، كما أشار إلى ذلك تكرير الميم المختتم بها في اسمها بذكرها فيه مرتين إشارة إلى المعادين الحسيين والله أعلم. والمراد بالاسم الصفات العليا. وقال الأستاذ أبو


الصفحة التالية
Icon