في قوله ٢١ : ٢ ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾
وهذا السماع لا يفيد السامع إلا قيام الحجة عليه أو تمكنه منها.
وأما مقصود السماع وثمرته والمطلوب منه فلا يحصل مع لهو القلب وغفلته وإعراضه بل يخرج السامع قائلا للحاضر معه ١٦ : ٤٧ ﴿مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾.
والفرق بين هذه المرتبة ومرتبة الإفهام : أن هذه المرتبة إنما تحصل بواسطة الأذن ومرتبة الإفهام أعم فهي أخص من مرتبة الفهم من هذا الوجه ومرتبة الفهم أخص من وجه آخر وهي أنها تتعلق بالمعنى المراد ولوازمه ومتعلقاته وإشاراته ومرتبة السماع مدارها على إيصال المقصود بالخطاب إلى القلب ويترتب على هذا السماع سماع القبول.
فهو إذن ثلاث مراتب : سماع الأذن وسماع القلب وسماع القبول والإجابة.

فصل


المرتبة التاسعة : مرتبة الإلهام قال تعالى ٨، ٧ : ٩١ ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾
وقال النبي ﷺ : لحصير بن منذر الخزاعي لما أسلم " قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي ".
وقد جعل صاحب المنازل ( الإلهام ) هو مقام المحدثين قال وهو فوق مقام الفراسة لأن الفراسة ربما وقعت نادرة واستصعبت على صاحبها وقتا أو استعصت عليه والإلهام لا يكون إلا في مقام عتيد.
قلت : التحديث أخص من الإلهام فإن الإلهام عام للمؤمنين بحسب إيمانهم فكل مؤمن فقد ألهمه الله رشده الذي حصل له به الإيمان فأما التحديث : فالنبي ﷺ قال فيه :" إن يكن في هذه الأمة أحد فعمر " يعني من المحدثين فالتحديث إلهام خاص وهو الوحي إلى غير الأنبياء


الصفحة التالية
Icon