والرؤيا : مبدأ الوحي وصدقها بحسب صدق الرائي وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطىء كما قال النبي ﷺ وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيتعوض المؤمنون بالرؤيا وأما في زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا.
ونظير هذا الكرامات التي ظهرت بعد عصر الصحابة ولم تظهر عليهم لاستغنائهم عنها بقوة إيمانهم واحتياج من بعدهم إليها لضعف إيمانهم وقد
نص أحمد على هذا المعنى وقال عبادة بن الصامت :" رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده في المنام " وقد قال النبي ﷺ " لم يبق من النبوة إلا المبشرات قيل : وما المبشرات يا رسول الله ؟ قال : الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له " وإذا تواطأت رؤيا المسلمين لم تكذب وقد قال النبي ﷺ لأصحابه لما أروا ليلة القدر في العشر الأواخر قال :" أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر فمن كان منكم متحريها فليتحرها في العشر الأواخر من رمضان ".
والرؤيا كالكشف منها رحماني ومنها نفساني ومنها شيطاني وقال النبي ﷺ " الرؤيا ثلاثة : رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام ".
والذي هو من أسباب الهداية هو الرؤيا التي من الله خاصة.
ورؤيا الأنبياء وحي فإنها معصومة من الشيطان وهذا باتفاق الأمة ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بالرؤيا.
وأما رؤيا غيرهم : فتعرض على الوحي الصريح فإن وافقته وإلا لم يعمل بها فإن قيل فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة أو تواطأت ؟.
قلنا : متى كانت كذلك استحال مخالفتها للوحي بل لا تكون إلا مطابقة له منبهة عليه أو منبهة على اندراج قضية خاصة في حكمه لم يعرف الرائي اندراجها فيه فيتنبه بالرؤيا على ذلك ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق