فصل في كيفية نزولها


قال الفخر :
ذكروا في كيفية نزول هذه السورة ثلاثة أقوال : الأول : أنها مكية، روى الثعلبي بإسناده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش، ثم قال الثعلبي : وعليه أكثر العلماء، وروي أيضاً بإسناده عن عمرو بن شرحبيل أنه قال : أول ما نزل من القرآن ﴿الحمد للَّهِ رَبّ العالمين﴾
وذلك أن رسول الله ﷺ أسر إلى خديجة فقال :" لقد خشيت أن يكون خالطني شيء "، فقالت : وما ذاك ؟ قال :" إني إذا خلوت سمعت النداء بإقرأ "، ثم ذهب إلى ورقة بن نوفل وسأله عن تلك الواقعة فقال له ورقة : إذا أتاك النداء فاثبت له، فأتاه جبريل عليه السلام وقال له : قل : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وبإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قام رسول الله ﷺ فقال :" بسم الله الرحمن الرحيم "، فقالت قريش : دق الله فاك. والقول الثاني : أنها نزلت بالمدينة، روى الثعلبي بإسناده عن مجاهد أنه قال : فاتحة الكتاب أنزلت بالمدينة قال الحسين بن الفضل : لكل عالم هفوة وهذه هفوة مجاهد، لأن العلماء على خلافه، ويدل عليه وجهان : الأول : أن سورة الحجر مكية بالاتفاق، ومنها قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ ءاتيناك سَبْعًا مّنَ المثاني﴾
[ الحجر : ٨٧ ] وهي فاتحة الكتاب، وهذا يدل على أنه تعالى آتاه هذه السورة فيما تقدم، الثاني : أنه يبعد أن يقال إنه أقام بمكة بضع عشرة سنة بلا فاتحة الكتاب.
القول الثالث : قال بعض العلماء : هذه السورة نزلت بمكة مرة، وبالمدينة مرة أخرى، فهي مكية مدنية، ولهذا السبب سماها الله بالمثاني ؛ لأنه ثنى إنزالها، وإنما كان كذلك مبالغة في تشريفها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١ صـ ١٤٧ ـ ١٤٨﴾


الصفحة التالية
Icon