الوجه الثالث : إثبات العبادة والإستعانة لهم ونسبتها إليهم بقولهم :" نعبد ونستعين " وهي نسبة حقيقية لا مجازية والله لا يصح وصفه بالعبادة والإستعانة التي هي من أفعال عبيده بل العبد حقيقة هو العابد المستعين والله هو المعبود المستعان به.
فصل : في بيان تضمنها للرد على القائلين بالموجب بالذات دون الإختيار والمشيئة وبيان أنه سبحانه فاعل مختار وذلك من وجوه :
أحدها : من إثبات حمده إذ كيف يحمد على ما ليس مختارا لوجوده ولا هو بمشيئته وفعله ؟ وهل يصح حمد الماء على آثاره وموجباته أو النار والحديد وغيرها في عقل أو فطرة ؟ وإنما يحمد الفاعل المختار بقدرته ومشيئته على أفعاله الحميدة هذا الذي ليس يصح في العقول والفطر سواه فخلافه خارج عن الفطرة والعقل وهو لا ينكر خروجه عن الشرائع والنبوات بل يتبجح بذلك ويعده فخرا.
الثاني : إثبات ربوبيته تعالى : يقتضي فعله بمشيئته واختياره وتدبيره وقدرته وليس يصح في عقل ولا فطرة ربوبية الشمس لضوئها والماء لتبريده وللنبات الحاصل به ولا ربوبية شيء أبدا لما لا قدرة له عليه ألبتة وهل هذا إلا تصريح بجحد الربوبية ؟.
فالقوم كنوا للأغمار وصرحوا لأولي الأفهام.
الثالث : إثبات ملكه وحصول ملك لمن لا اختيار له ولا فعل ولا مشيئة غير معقول بل كل مملوك له مشيئة واختيار وفعل أتم من هذا الملك وأكمل ١٦ : ١٧ ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾.
الرابع : من كونه مستعانا فإن الإستعانة بمن لا اختيار له ولا مشيئة ولا قدرة محال.
الخامس : من كونه مسئولا أن يهدي عباده فسؤال من لا اختيار له محال وكذلك من كونه منعما.

فصل : في بيان تضمنها للرد على منكري تعلق علمه تعالى بالجزئيات وذلك من وجوه :


أحدها : كمال حمده وكيف يستحق الحمد من لا يعلم شيئا من العالم وأحواله وتفاصيله ولا عدد الأفلاك ولا عدد النجوم ولا من يطيعه ممن يعصيه ولا من يدعوه ممن لا يدعوه ؟.


الصفحة التالية
Icon