وَفِي صَرْفِ الرَّحْمَنِ قَوْلَانِ يُسْنَدُ أَحَدُهُمَا إلَى أَصْلٍ عَامٍّ، وَهُوَ أَنَّ أَصْلَ الِاسْمِ الصَّرْفُ، وَالْآخَرُ إلَى أَصْلٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَنَّ أَصْلَ فَعْلَانَ الْمَنْعُ لِغَلَبَتِهِ فِيهِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَعْلِيلِهِ لِمَا لَمْ
يَكُنْ لَهُ مُؤَنَّثٌ عَلَى فَعْلَى وَلَا عَلَى فَعْلَانَةَ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى نَظَائِرِهِ ؛ نَحْوَ عُرْيَانَ وَسَكْرَانَ.
وَوَصْفُ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ مَجَازٌ عَنْ إنْعَامِهِ.
فَيَكُونُ صِفَةَ فِعْلٍ وَقِيلَ إرَادَةُ الْخَيْرِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَذَلِكَ فَيَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ.
وَإِنَّمَا قَدَّمَ الرَّحْمَنَ عَلَى الرَّحِيمِ وَلَمْ يَسْلُكْ طَرِيقَ التَّرَقِّي لِأَنَّ الرَّحْمَنَ تَنَاوَلَ جَلَائِلَ النِّعَمِ وَعَظَائِمَهَا وَأُصُولَهَا فَأَرْدَفَهُ الرَّحِيمَ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِيَتَنَاوَلَ مَا دَقَّ مِنْهَا وَلَطُفَ.
وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ مِنْ الْمُغَايِرَةِ بَيْنَ مَدْلُولِ الرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ.
وَالرَّحِيمُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَفِي إعْرَابِ " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " خِلَافٌ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْبَيَانُ، وَإِنْ كَانَ يَجْرِي مَجْرَى الْإِعْلَامِ.
وَقَالَ الْأَعْلَمُ : بَدَلٌ، وَرُدَّ بِأَنَّ الِاسْمَ الْأَوَّلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَبْيِينٍ.
الْحَمْدُ الثَّنَاءُ عَلَى الْجَمِيلِ مِنْ صِفَةٍ أَوْ نِعْمَةٍ بِاللِّسَانِ وَحْدَهُ وَنَقِيضُهُ الذَّمُّ.
وَالشُّكْرُ الثَّنَاءُ عَلَى النِّعْمَةِ وَآلَتُهُ اللِّسَانُ أَوْ الْعَمَلُ.


الصفحة التالية
Icon