وَبَدَلٌ مِنْ الَّذِينَ عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ، وَمِنْ الضَّمِيرِ عِنْدَ قَوْمٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ النِّعْمَةِ الْمُطْلَقَةِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ وَبَيْنَ السَّلَامَةِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَالضَّلَالِ.
وَأَصْلُ " غَيْرِ " الْوَصْفُ وَيُسْتَثْنَى بِهِ وَلَا يَتَعَرَّفُ.
وَمَذْهَبُ ابْنِ السَّرَّاجِ إذَا كَانَ الْمُغَايَرُ وَاحِدًا تَعَرَّفَ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ.
وَتَقَدَّمَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ أَنَّ كُلَّ مَا إضَافَتُهُ غَيْرُ مَحْضَةٍ قَدْ يُقْصَدُ بِهَا التَّعْرِيفُ فَتَصِيرُ مَحْضَةً فَتَتَعَرَّفُ إذْ ذَاكَ " غَيْرُ " بِمَا تُضَافُ إلَيْهِ إذَا كَانَ مَعْرِفَةً.
وَاعْتَذَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنْ الْوَصْفِ بِغَيْرِ بِأَنَّ الَّذِينَ أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ لَا تَوْقِيتَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ " وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي " وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُنْعَتُ إلَّا بِالْمَعْرِفَةِ وَبِأَنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ خِلَافُ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ، فَلَيْسَ فِي غَيْرِ إذْنِ الْإِبْهَامِ الَّذِي يَأْبَى عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَرَّفَ.
وَ" لَا " فِي ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾
لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ الَّذِي فِي غَيْرِ، وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ بِتَرْكِهَا عَطْفُ الضَّالِّينَ عَلَى الَّذِينَ.
وَالْغَضَبُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إرَادَةُ الِانْتِقَامِ مِنْ الْعَاصِي، وَقِيلَ : إرَادَةُ صُدُورِ الْمَعْصِيَةِ مِنْهُ.
فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، أَوْ إحْلَالِ الْعُقُوبَةِ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ.
وَقَدَّمَ الْغَضَبَ عَلَى الضَّلَالِ وَإِنْ كَانَ الْغَضَبُ مِنْ نَتِيجَةِ الضَّلَالِ لِمُجَاوَرَةِ الْإِنْعَامِ.


الصفحة التالية
Icon