وَقَالَ فِي ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ﴾
قَدَّمَ الْمَفْعُولَ الَّذِي هُوَ غَيْرَ دَيْنِ اللَّهِ عَلَى فِعْلِهِ لِأَنَّهُ أَهَمُّ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِنْكَارَ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْهَمْزَةِ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْمَعْبُودِ بِالْبَاطِلِ وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ﴾
إنَّمَا قَدَّمَ الْمَفْعُولَ عَلَى الْفِعْلِ لِلْعِنَايَةِ وَقَدَّمَ الْمَفْعُولَ لَهُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ الْأَهَمَّ عِنْدَهُ أَنْ يُكَافِحَهُمْ بِأَنَّهُمْ عَلَى إفْكٍ وَبَاطِلٍ فِي شِرْكِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " إفْكًا " مَفْعُولًا بِهِ يَعْنِي أَتُرِيدُونَ إفْكًا ثُمَّ فَسَّرَ الْإِفْكَ بِقَوْلِهِ ﴿آلِهَةً دُونَ اللَّهِ﴾
عَلَى أَنَّهَا
إفْكٌ فِي أَنْفُسِهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا.
فَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا لَمْ يَذْكُرْ الزَّمَخْشَرِيُّ لَفْظَةَ الْحَصْرِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا.
وَلَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْآيَةِ الْأُولَى فَقَطْ.
وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ فِي الْآيَاتِ الِاهْتِمَامُ.
وَيَأْتِي الِاخْتِصَاصُ فِي أَكْثَرِهَا.
وَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى ﴿أَإِفْكًا آلِهَةً﴾
وقَوْله تَعَالَى ﴿أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾
وَمَا أَشْبَهَهُمَا لَا يَأْتِي فِيهِ إلَّا الِاهْتِمَامُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ.
وَقَدْ يَتَكَلَّفُ بِمَعْنَى الِاخْتِصَاصِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْآيَاتِ.
وَأَمَّا الْحَصْرُ فَلَا.
فَإِنْ قُلْت : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاخْتِصَاصِ وَالْحَصْرِ ؟ قُلْت : الِاخْتِصَاصُ افْتِعَالٌ مِنْ الْخُصُوصِ.
وَالْخُصُوصُ مُرَكَّبٌ مِنْ شَيْئَيْنِ : أَحَدُهُمَا عَامٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ.