الحجة الثامنة : أطبق الأكثرون على أن سورة الفاتحة سبع آيات إلا أن الشافعي رضي الله تعالى عنه، قال : قوله بسم الله الرحمن الرحيم آية واحدة، وقوله صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية واحدة، وأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى فإنه قال : بسم الله ليس بآية منها، لكن قوله صراط الذين أنعمت عليهم آية، وقوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية أخرى وسنبين في مسألة مفردة أن قول أبي حنيفة مرجوح ضعيف، فحينئذٍ يبقى أن الآيات لا تكون سبعاً إلا إذا اعتقدنا أن قوله بسم الله الرحمن الرحيم آية منها تامة.
الحجة التاسعة : أن نقول : قراءة التسمية قبل الفاتحة واجبة، فوجب أن تكون آية منها بيان الأول أن أبا حنيفة يسلم أن قراءتها أفضل، وإذا كان كذلك فالظاهر أن النبي ﷺ قرأها فوجب أن يجب علينا قراءتها لقوله تعالى :﴿واتبعوه﴾
وإذا ثبت وجوب قراءتها ثبت أنها من السورة لأنه لا قائل بالفرق.
الحجة العاشرة : قوله عليه السلام :" كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر " أو أجذم وأعظم الأعمال بعد الإيمان بالله الصلاة، فقراءة الفاتحة فيها بدون قراءة بسم الله يوجب كون هذه الصلاة بتراء، ولفظ الأبتر يدل على غاية النقصان والخلل، بدليل أنه تعالى ذكره في معرض الذم للكافر الذي كان عدواً للرسول عليه السلام فقال :﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر﴾
[ الكوثر : ٣ ] فلزم أن يقال : الصلاة الخالية عن قراءة بسم الله الرحمن الرحيم تكون في غاية النقصان والخلل وكل من أقر بهذا الخلل النقصان قال بفساد هذه الصلاة، وذلك يدل على أنها من الفاتحة وأنه يجب قراءتها.
الحجة الحادية عشرة : ما روي أن النبي ﷺ قال لأبي بن كعب :" ما أعظم آية في كتاب الله تعالى ؟ " فقال : بسم الله الرحمن الرحيم فصدقه النبي عليه السلام في قوله.