والجواب عن حجتهم الثانية ما قال الشافعي فقال : لعل عائشة جعلت الحمد لله رب العالمين اسماً لهذه السورة، كما يقال : قرأ فلان " الحمد لله الذي خلق السموات " والمراد أنه قرأ هذه السورة، فكذا ههنا، وتمام الجواب عن خبر أنس سيأتي بعد ذلك.
والجواب عن الحجة الثالثة أن التكرار لأجل التأكيد كثير في القرآن، وتأكيد كون الله تعالى رحماناً رحيماً من أعظم المهمات، والله أعلم.
المسألة السابعة :
في بيان عدد آيات هذه السورة، رأيت في بعض الروايات الشاذة أن الحسن البصري كان يقول : هذه السورة ثمانِ آيات، فأما الرواية المشهورة التي أطبق الأكثرون عليها أن هذه السورة سبع آيات، وبه فسروا قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ ءاتيناك سَبْعًا مّنَ المثاني﴾
[ الحجر : ٨٧ ] إذا ثبت هذا فنقول : الذين قالوا إن بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة قالوا إن قوله :﴿صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ وَلاَ الضالين﴾
آية تامة، وأما أبو حنيفة فإنه لما أسقط التسمية من السورة لا جرم قال قوله :﴿صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾
آية، وقوله :﴿غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ وَلاَ الضالين﴾
آية أخرى، إذا عرفت هذا فنقول : الذي قاله الشافعي أولى، ويدل عليه وجوه : الأول : أن مقاطع قوله صراط الذين أنعمت عليهم لا يشابه مقطع الآيات المتقدمة ورعاية التشابه في المقاطع لازم ؛ لأنا وجدنا مقطاع القرآن على ضربين متقاربة ومتشاكلة فالمتقاربة كما في سورة " قا " والمتشاكلة كما في سورة القمر، وقوله :﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾
ليس من القسمين، فامتنع جعله من المقاطع.