وقال أبو السعود :
وقال الضحاك : المرادُ بالطاغوت كَهَنةُ اليهودِ وسَحَرتُهم. وعن الشعبي : أن المنافقَ دعا خصمَه إلى كاهن من جُهَينةَ فتحاكما إليه. وعن السدي : أن الحادثةَ وقعت في قتيلٍ بين بني قُريظةَ والنَّضِير، فتحاكم المسلمون من الفريقين إلى النبي ﷺ وأبى المنافقون منهما إلا التحاكمَ إلى أبي بُرْدةَ الكاهنِ الأسلميِّ، فتحاكموا إليه، فيكون الاقتصارُ حينئذ في معرِض التعجيبِ والاستقباحِ على ذِكر إرادةِ التحاكمِ دون نفسِه مع وقوعِه أيضاً للتنبيه على أن إرادتَه مما يقضي منه العجَبَ، ولا ينبغي أن يدخُلَ تحت الوقوعِ فما ظنُّك بنفسه وهذا أنسبُ بوصف المنافقين بادّعاء الإيمانِ بالتوراة فإنه كما يقتضي كونَهم من منافقي اليهودِ يقتضي كونَ ما صدَرَ عنهم من التحاكم ظاهِرَ المنافاةِ لادعاء الإيمانِ بالتوراة، وليس التحاكمُ إلى كعب بن الأشرف بهذه المثابةِ من الظهور، وأيضاً فالمتبادِرُ من قوله تعالى :﴿ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ ﴾ كونُهم مأمورين بكفره في الكتابين وما ذاك إلا الشيطانُ وأولياؤُه المشهورون بولايته كالكَهنة ونظائرِهم لا مَنْ عداهم ممن لم يشتهِرْ بذلك، وقرىء ﴿ أَن يَكْفُرُواْ بِهَا ﴾ على أن الطاغوتَ جمعٌ كما في قوله تعالى :﴿ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُم ﴾ والجملةُ حال من ضمير يريدون مفيدةٌ لتأكيد التعجيبِ وتشديد الاستقباحِ كالوصف السابقِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١٩٤ ـ ١٩٥﴾

فصل


قال الفخر :
مقصود الكلام أن بعض الناس أراد أن يتحاكم إلى بعض أهل الطغيان ولم يرد التحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي : ويجب أن يكون التحاكم إلى هذا الطاغوت كالكفر، وعدم الرضا بحكم محمد عليه الصلاة والسلام كفر، ويدل عليه وجوه :


الصفحة التالية
Icon