التفسير : لما شرح بعض أحوال الكفار عاد إلى ذكر التكاليف. وأيضاً لما حكى عن أهل الكتاب أنهم كتموا الحق وقالوا للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً، أمر المؤمنين في هذه الآية بأداء الأمانات في جميع الأمور، سواء كانت من باب المذاهب والديانات أو من باب الدنيا والمعاملات. وأيضاً قد وعد في الآية السابقة الثواب العظيم على الأعمال الصالحات وكان من أجلها الأمانة فقال :﴿ إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ﴾ روي أن عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار كان سادن الكعبة، فلما دخل النبي ﷺ مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح، فطلب رسول الله ﷺ المفتاح فقيل له : إنه مع عثمان. فطلب منه فأبى فقال : لو علمت أنه رسول الله ﷺ لم أمنعه. فلوى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب، فدخل رسول الله ﷺ البيت وصلى ركعتين. فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له مع السقاية السدانة، فأراد النبي ﷺ أن يدفعه إلى العباس ثم قال : يا عثمان خذ المفتاح على أن للعباس معك نصيباً فأنزل الله هذه الآية. فأمر رسول الله ﷺ علياً رضي الله عنه أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه، ففعل ذلك علي رضي الله عنه فقال له عثمان : يا علي أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق فقال : لقد أنزل الله في شأنك فقرأ عليه هذه الآية.