" لو أن الله تعالى كتب ذلك لكان منهم " وكذا غيره من الأخبار السالفة تأبى هذا التوجيه غاية الإباء لأنها مسوقة للمدح، ولا مدح في كون أولئك المذكورين من القليل الذين يمتثلون الأمر رياءاً وسمعة بل ذلك غاية في الذم لهم وحاشاهم، وقيل : للناس مطلقاً، والقلة إضافية لأن المراد بالقليل المؤمنون وهم وإن كثروا قليلون بالنسبة إلى من عداهم من المنافقين، والكفرة المتمردين ﴿ وَمَا أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [ يوسف : ١٠٣ ] وحينئذٍ لا يرد أنه يلزم من الآية كون بني إسرائيل أقوى إيماناً من أصحاب رسول الله ﷺ حيث امتثلوا أمر الله تعالى لهم بقتل أنفسهم حتى بلغ قتلاهم سبعين ألفاً، ولا يمتثله لو كان من الصدر الأول إلا قليل ومن الناس من جعل الآية بياناً لكمال اللطف بهذه الأمة حيث إنه لا يقبل القتل منهم إلا القليل لأن الله تعالى يعفو عنهم بقتل قليل ولا يدعهم أن يقتل الكثير كبني إسرائيل إلا أنهم لا يفعلون كما فعل بنو إسرائيل لقلة المخلصين فيهم وكثرة المخلصين في بني إسرائيل ليلزم التفضيل.


الصفحة التالية
Icon