والثاني : قول الفَارِسيِّ ؛ فإذا قال القَائِلُ : أزُورُك غَدَا، فقلت : إذْن أكرِمُكَ، فهي عِنْدَهُ جَوَابٌ وجَزَاء، وإذا قُلْتَ : إذن جواب مُلْغَاة، فظاهر هذه العِبَارَةِ موافِقٌ لقَوْل الفَارسِيِّ [ وفيه نَظَر ؛ لأن الفارسيّ ] لا يقُول في مِثْل هذه الآية إنَّها جَوابٌ فَقَطْ، وكَونهَا جَوَاباً يَحْتَاجُ إلى شيء مُقَدَّرٍ.
قال الزَّمَخْشَرِيّ :" وإذن " - جواب لِسُؤالٍ مُقَدَّرٍ ؛ كأنه قيل : وماذَا يكُون لَهُمْ بعد التَّثْبِيتِ أيضاً ؟ فقيل : لو تَثَبَّتُوا لآتَيْنَاهُم ؛ لأن " إذَنْ " جوابٌ وجَزَاءٌ.
و﴿ مِّن لَّدُنَّآ ﴾ : فيه وَجْهَان :
أظهرهما : أنه مُتعلِّق [ بـ ﴿ وَءَاتَيْنَاهُمْ ﴾.
والثاني : أنه مُتَعَلِّق ] بمحْذُوفٍ ؛ لأنه حالٌ من " أجْراً " لأنَّه في الأصْلِ صِفَة نكرة قُدِّمَت عليها. و" أجْراً " مَفْعُول ثانٍ لـ " ءَاتَيْنَاهُم "، و﴿ صِرَاطاً ﴾ مَفْعول ثانٍ لـ ﴿ لَهَدَيْنَاهُمْ ﴾. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٤٧٢ ـ ٤٧٤﴾.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآيات
قال عليه الرحمة :
﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨)﴾
أخبر عن سُقم إخلاصهم وقوة إفلاسهم، ثم أخبر الله بعلمه بتقصيرهم.
خلاهم عن كثير من الامتحانات ثم قال ولو أنهم جنحوا إلى الخدمة، وشدُّوا نطاق الطاعة لكان ذلك خيراً لهم من إصرارهم على كفرهم واستكبارهم. ولو أنهم فعلوا ذلك لآتيناهم من عندنا ثواباً عظيماً، ولأرشدناهم صراطاً مستقيماً ولأوليناهم عطاء مقيماً. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٤٤ ـ ٣٤٥﴾