والوعظ : الأمر بفعل الخير وترك الشرّ بطريقة فيها تخويف وترقيق يحملان على الامتثال، والاسم منه الموعظة، وتقدّم آنفاً عند قوله تعالى :﴿ إنّ الله نعمّا يعظكم به ﴾ [ النساء : ٥٨ ].
فهذا الإعراض إعراض صفح أو إعراض عدم الحزن من صدودهم عنك، أي لا تهتمّ بصدودهم، فإنّ الله مجازيهم، بدليل قوله :﴿ وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ﴾، وذلك إبلاغ لهم في المعذرة، ورجاء لصلاح حالهم، .
شأن الناصح الساعي بكلّ وسيلة إلى الإرشاد والهدى.
والبليغ فعيل بمعنى بالغ بلوغاً شديداً بقوّة، أي : بالغاً إلى نفوسهم متغلغلاً فيها. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٧٤ ـ ١٧٥﴾
فائدة
قال الماوردى :
﴿ فَأَعْرِضْ عَنهُم وَعِظْهُم ﴾ وفي الجمع بين الإعراض والوعظ مع تنافي اجتماعهما في الظاهر - ثلاثة أوجه :
أحدها : أعرض عنهم بالعداوة لهم وعِظهم فيما بدا منهم.
والثاني : أعرض عن عقابهم وعظهم.
والثالث : أعرض عن قبول الأعذار منهم وعظهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٥٠٢ ـ ٥٠٣﴾
قوله تعالى ﴿وَقُل لَّهُمْ فِى أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً﴾

فصل


قال ابن الجوزى :
وقد تكلم العلماء في حدّ "البلاغة" فقال بعضهم :"البلاغة" : إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ، وقيل :"البلاغة" حسن العبارة مع صحة المعنى وقيل : البلاغة : الإِيجاز مع الإِفهام، والتصرّف من غير إِضجار.
قال خالد بن صفوان : أحسن الكلام ما قلت ألفاظه، وكثرت معانيه، وخيرُ الكلام ما شوّق أوّله إِلى سماع آخره، وقال غيره : إِِنما يستحق الكلام اسم البلاغة إِذا سابق لفظه معناه، ومعناه لفظه، ولم يكن لفظه إِلى سمعك أسبق من معناه إلى قلبك. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ١٢٢﴾

فصل


قال الفخر :
في قوله :﴿فِى أَنفُسِهِمْ﴾ وجوه :
الأول : أن في الآية تقديما وتأخيرا، والتقدير : وقل لهم


الصفحة التالية