وأما الثاني : فيلائمه من السائق قوله :﴿ أُولَئِكَ الّذِينَ يَعْلم اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ يعني ما انطوت عليه من الخبث والمكر والحيل، ثم أمره بوعظهم والإعراض عن جرائمهم حتى لا تكون مؤاخذتهم بها مانعة من نصحهم ووعظهم، ثم جاء قوله :﴿ وَقُل لّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ﴾ كالشرح للوعظ ولذكر أهم ما يعظهم فيه، وتلك نفوسهم التي علم الله ما انطوت عليه من المذامّ، وعلى هذا يكون المراد الوعظ وما يتعلق به.
وأما الثالث : فيشهد له سيرته عليه الصلاة والسلام في كتم عناد المنافقين، والتجافي عن إفصاحهم والستر عليهم، حتى عدّ حذيفة - رَضِي اللّهُ عَنْهُ -، صاحب سره عليه الصلاة والسلام، لتخصيصه إياه بالاطلاع على أعيانهم وتسميتهم له بأسماءهم، وأخباره في هذا المعنى كثيرة.
تنبيه :
قال بعض المفسرين : وثمرة الآية قبح الرياء والنفاق واليمين الكاذبة والعذر الكاذب، لأنهم اعتذروا بإرادتهم الإحسان، وذلك كذب، ثم قال : ودلت الآية على لزوم الوعظ والمبالغة فيه. انتهى. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٥ صـ ٢٠٣ ـ ٢٠٤﴾