وإنما ذكر ( الولدان ) معهم، تكميلاً للاستعطاف واستجلاب المرحمة، وتنبيهاً على تناهي ظلم المشركين، بحيث بلغ أذاهم الصبيان، وإيذاناً بإجابة الدعاء الآتي بسبب مشاركتهم في الدعاء.
﴿ الّذِينَ يَقُولُونَ ﴾ من إيذاء أهل مكة وإذلالهم إياهم، متبرئين من المقام بها.
﴿ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالم أَهْلُهَا ﴾ أي : بالشرك الذي هو ظلم عظيم، وبأذية المسلمين، وهي مكة، و ( الظالم ) صفتها، وتذكيره لتذكير ما أسند إليه، فإن اسم الفاعل والمفعول إذا أُجري على غير من هو له، كان كالفعل في التذكير والتأنيث، بحسب ما عمل فيه، قاله أبو السعود.
﴿ وَاجْعَل لّنَا مِن لّدُنكَ وَلِيّا ﴾ أي : سخر لنا من عندك حافظاً يحفظ علينا ديننا.
﴿ وَاجْعَل لّنَا مِن لّدُنكَ نَصِيراً ﴾ ناصراً يدفع عنا أذيّات أعدائنا، أو المعنى : واجعل لنا من لدنك ولاية ونصرة، أي : لتكن أنت ولينا وناصرنا، وقد استجاب الله عز وجل دعائهم حيث يسر لبعضهم الخروج إلى المدينة، وجعل لمن بقي منهم خير وليّ وأعز ناصر، ففتح مكة على نبيه صَلّى اللهُ عليّه وسلّم، فتولاهم أي : تولٍّ، ونصرهم أية نصرة، حتى صاروا أعزّ أهلها.
وروى البخاريّ بالسند إلى ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين، وبه إليه قال : كانت أمي ممن عذر الله.
قال الرازيّ : معنى الآية : لا عذر لكم في ترك المقاتلة، وقد بلغ حال المستضعفين من المسلمين إلى ما بلغ في الضعف، فهذا حث شديد على القتال، وبيان العلة التي صار لها القتال واجباً، وهو ما في القتال من تخليص هؤلاء المؤمنين من أيدي الكفرة، لأن هذا الجمع إلى الجهاد يجري مجرى فكاك الأسير. انتهى.
تنبيه :


الصفحة التالية
Icon