والثاني : أن " مِنْ " لِبَيَان الجنس، و" الولدان " : قيل : جَمْع " وليد " ؛ وهم المُسْلِمُون الَّذِين بَقُوا بمكَّة لصدِّ المُشْرِكين، أو ضعفهم عن الهَجْرَة مستنزلين ممتنعين.
انتهى بيضاوي.
فيكون المُرَاد بهم : العَبيد والإماءُ ؛ لأن العَبْدَ والأمَةَ يقال لَهُما : الوَلِيدُ والوليدَةُ، وجمعهما : الوِلْدَان والوَلائِد، إلا أنَّه ههنا غلَّب الذكور، ويكون المُرادُ بالرِّجَال والنِّسَاء : الأحْرار، والحَرَائِر.
وقيل : جَمْع وَلَد ؛ كَوَرَل ووِرْلان وحَربٌ وحَرْبَان والمُرَاد بهم : الصِّبْيَان، [ وقيل : العبيد والأمَاء، يقال للعبد :" وَليدٌ "، وللامة :" وليدَةٌ "، فغلَّب المُذكَّر على المُؤنَّث ؛ اندراجه فيه ].
و" الذين يقولون : فيه وَجْهَان :
أحدهًما : أن يكُونَ مجروراً على انَّه صفةٌ : إمَّا للمستَضعفِين، وإمَّا للرَّجَال ومن بعدهم، وغلَّب المُذَكَّرَ على المؤنَّثِ.
وقال أبو البَقَاء :" الذين يقولون : في مَوْضِع جَرِّ صفة لِمَنْ عَقِل من المذكورين " كأنه تَوَهَّم أنَّ الولدَان الصبيانُ، والصبيانُ لا يعقلُون ؛ فَجَعَله نعتاً لِمَنْ عقل من المذْكُورين وهُم الرِّجَال والنِّسَاء دونَ الولدان، لأنَّ جَمْعَ السَّلامَة في المُذَكَّر يُشْترط فيه العَقْلُ، و" الذين " جَارٍ مُجْرَاه.
قال شهاب الدين : وهذه غَفْلةً ؛ لأنَّ مرادَ النَّحْويين بالعَاقِلِ : ما كان من جنْس العُقَلاَء وإنْ كان مسلوبَ العَقْلِ ؛ ويدُلُّ عليه قوله - تعالى - :﴿ أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء ﴾ [ النور : ٣١ ] فالمُرادُ بالطفل هنا : الصِّبْيَان الصِّغار، ومع ذلك وَصَفهم بالذين.
والثاني : أن يكُونَ منصوباً على الاخْتِصَاصِ.


الصفحة التالية
Icon