وقرئ شاذاً :﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات ﴾ [ النحل : ٥٧ ] [ بالفتحة ]، وحكي : سَمِعْتُ لغتَهُم، وزعم الفَارِسي أن الوَارِدَ مُفْردٌ لامه ؛ لأن الأصْل " لُغَوَة " ؛ فلما رُدَّت اللام، قُلِبَت ألفاً، وقد رُدَّ على الفَارِسي : بأنه يلْزَمُهُ الجَمع بين العِوَض والمُعَوَّضِ مِنْه، ويَرُدُّ عليه أيْضاً القِرَاءة المتقَدِّمة في الثبات ؛ لأن المُفْرَد منه مكْسُورُ الفَاءِ.
[ " وثبات " جَمْعُ ثُبَة، ووزنها في الأصْل : فُعَلَة، كَحُطَمة، و] إنما حُذِفَت لامُها وعُوض عنها تاءُ التَّأنِيثِ، وهل لامها واواً أو يَاء ؟ قولان :
حُجَّة القَوْل الأول : أنها مُشتقَّة من [ ثَبَا يُثْبُو ؛ كَخَلا يَخْلُو، أي : اجْتَمع.
وحُجَّةُ القول الثاني : أنها مُشْتَقة من ] ثبيت على الرجل إذا أثْنيت عليه ؛ كأنك جمعت مَحاسنه، وتجمع بالألفِ والتَّاءِ، وبالوَاوِ والنَّونِ، ويجوز في فَائِهَا حين تُجْمَع على " ثُبين " الضَّم والكَسْر، وكذا ما أشبَهَهَا، نحو : قُلة، وبُرة، ما لم يُجْمَع جَمْع تكْسِير.
والثُّبة : الجَمَاعة من الرِّجَال تكُون فَوْقَ العَشرة، وقيل : الاثْنَانِ والثَّلاثة، وتُصَغَّر على " ثُبْيَة "، بردِّ المَحْذُوف، وأما " ثُبة الحَوْضِ " وهي وَسطُهُ، فالمحذُوفُ عَيْنُها، لأنَّها من بابِ المَاء، أي : يَرْجِع، تُصَغِّر على " ثُوَيْبَةٍ " ؛ كقولك في تَصْغيرِ سَنَة : سُنَيْهَة. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٤٨٤ ـ ٤٨٦﴾.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (٧١)﴾
الفرار إلى الله من صفات القاصدين، والفرار مع الله من صفات الواصلين ؛ فلا يجد القرار مع الله إلا من صدق في الفرار إلى الله. والفرارُ من كل غَيْرٍ شأنُ كل مُوَحِّد. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٤٦﴾